السبت، 12 يناير 2013

مقدمة :



بإسمك اللهم :
إن أسمى ما أنتجه الفكر الديني على مر العصور هو عرفان الربانيين الذين كانوا أكثر التزاما بالسلوك وأدق عمقا في الفهم،فأنتجوا على مر التاريخ الإنساني علوما لاتحصى منها ما انذثر ومنها ما لايزال محبوسا في المتاحف العلمية ، لكن منها ما لايزال حيا في قلوب العديد ممن يِومنون في الإسلام بسمو فهم هؤلاء الربانيين لحد التأكد من ولايتهم لله وولاية الله لهم ..وقد تفرد هذا الفهم بمعرفة أسرار لايمكن أن يستسيغها عامة المسلمين ، ولحكمتهم فإنهم كانوا دائما يطبقون قوله صلوات الله عليه : « خاطبوالناس على قدر عقولهم » فكان العديد من مريدي التربية على أيديهم يتدرجون العمر كله لفهم بعض الحقائق التي لايمكن أن يفهمها بسهولة العقل المعاشي ولا العقل المجرد ولا العقل المسدد وحده إذا لم يتواضعوا للإعتراف بحكمة العقل المؤيد بالواردات الربانية والإلهامات الروحانيةوالقلبية.لأن هذا العقل وحده القادر على تقريب التجربة النبوية في شموليتها لافي شتاتها، وبالتالي فهو الملم أكثر بالغايات الكبرى من التدين نفسه :

فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن إنسانا عاديا فقد كلمته الجن وحاورته الملائكة وفتحت له السماوات وعرج حتى سدرة المنتهى وكلمه الرحمان تعالىمباشرة دون واسطة بل ولمسته يد الرحمة الربانية حتى قال عليه السلام : »حتى شعرت ببردها بين ثدياي » ومن كانت هاته بعض خصاله ، لايمكن أن يكون فهمه للدين ونظرته الوجودية بسيطة كما يريد ذلك العديد من المعلمين والحركيين،بل كانت له صلى الله عليه وسلم رؤيا كونية كاملة ، وبالتالي فهو حينما يتوجه للقبله لايحصر نفسه مثلنا في عالم الملك ولا حتى عوالم الملكوت ولا عوالم الجبروت بل كانت صلواته تخترق الكون كله ليسبح بالكون كله لرب الكون ،ولهاته التربية والفهم العميق تجب الدعوة والتكوين لا لفهم بسيط يدعي الإلمام الكلي جهلا بعلوم الدين.. وهاته مراقي لايستصيغها العديد منا لكننا سنبسط القضية ارتباطا بموضوع الكتاب لا تحليلا لهاته النظرة الوجودية للرسول صلى الله وسلم على حقيقته المحمدية..

ولا نجد من أشار لهذا في كل الفكر الإسلامي إلا العارفين بالله الذين تبلورت تربياتهم منذ الصحابة لحد اليوم، وكانت هاته الرؤية الكبيرة والعلم الكبير رغم غزارتهما لايحجبانهم عن الواقعية والنزول إلى الناس في عالم ملكهم وبالتالي التحدث عن إشكاليات العصر لحد الدخول في النزاعات السياسية أحيانا والخلوة عنهم للتربية الروحية فقط أحيانا أخرى ، ورغم أسرارهم العظيمة فإنهم بسطوا تربيتهم لحد التربية بالسماع والإشارات والذكر بشتى أنواعه مركزين على أبسط العبادات في الوصول إلى أعلى الغايات ..ولي مشروع كتاب مستقبلي بحول الله لتبسيط حقائقهم تحت عنوان

« الإلله : »الله أعظم من الله « إن شاء الله.

أما عن الكونية فقد تبين كيف كانت النظرة الوجودية للرسول بالكون وخارجا عن كل الكون، وتبين أن أسرار هاته النظرة لا يفهمها غير الربانيين حقا من أولياء الله قدس الله أسرارهم..لكنا سنبسط هنا فقط إشارتهم في الصراع الكوني الذي يخوضه في عالم الملك وحده :إبليس وكل الشياطين وكل الكافرين ومعهم كل الضالين والمنافقين من الجن والإنس ضد الأنبياء وحوارييهم وصحابتهم وأوليائهم وكل المحسنين والمومنين والمسلمين من جانب آخر، ولهذا فإنا في عالم الارض لانلمس إلا الصراع المادي والإيديولوجي والمبدئي عموما بيننا، بينما الصراع الروحي أو الحرب الروحانية الغيبية لايلمسها إلا من اجتباهم الله لهاته الوظيفة :

حلم إبليس الكهنوتي بالكون


حلم إبليس الكهنوتي بالكون :

عزازيل هو الإسم الأصل لإبليس لعنه الله ..وقد كان جنيا كثير العبادة لله في الأرض حتى أن الملائكة كلمته وصعد معها للعبادة في السماوات حتى السماء الخامسة وكانت الملائكة تبجله فلقبته بأحسن الألقاب كالتقي والولي وغيرها ..وقد كان ذا جمال مهيب براق وقوة كبيرة حتى أن الله سبحانه وتعالى كلفه بالقضاء على فتنة كبرى كانت بالأرض بين الجن قبل خلق آدم ..فقام إبليس بمعية الملائكة بالقضاء عليها، ليصبح إبليس هو المكلف الأول بعالمنا السفلي هذا وهاهنا داخله الغرور..فقالت نفسه لنفسه : » أناقمت بعمل لله لم يقم به مخلوق سواي.. أنا من أناأنا أستحق أن أعبد » فبدأ عبادة نفسه بنفسه سرا على مرمى دعوة كل العالم لذلك..وفي هذا الظرف بالذات خلق الله سبحانه آدم عليه الصلاة والسلام، بعد أن قال لملائكته الكرام سبحانه : »إني جاعل في الأرض خليفة » مما أدحض كل أحلام إبليس الكبرى بما لم يكن له بحسبان، ليعادى آدم حتى قبل أن يراه :فكان الإنسان هو الخليفة الرباني وكانت هاته الخلافة حلم من أحلام إبليس بأمل التأله بكل كبرياء ،وما أن رأى إبليس آدم حتى قال :

« ما خلق الله هذا إلا لغاية »..وهاته الغاية وهذا المخلوق الجديد لم يكونا ليخطرا لإبليس على بال..ومن هنا بدأ العداء..وبدأت الحرب الإبليسية بهدف الإنتصار على الخليفة وتحقيق حلم العلو والفساد بالأرض :وما التدافع القائم منذ البدء إلا تجلي من تجليات هاته الحرب الضارية ، فصراع الشر الإبليسي وكل الأشرار ضد الخير الرباني وكل الأخيار المعبر عنه على الساحة العالمية بالصراع بين الدول والإيديولوجيات والأديان والحضارات صراع إبليسي في حقيقته، وكل حرب إلا ولإبليس فيها مكسب وأمل كبير في التوفق لهزم الإنسانية جمعاء بتشويهه لكل المظاهر الربانية للإنسان كمخلوق مخلف في الأرض »ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله »..فإبليس يريد تشويه الخليفة ظاهرا وباطنا.هاته الخلافة التي كانت تعني لإبليس أملا كبيرا لمطامعه الخسيسة ومفتاح كل أحلامه :

ورغم أنه يعرف هزيمته من طرف الخليفة المتمسك بالله، فهو لعنه الله يشي بشياطينه من الجن والإنس ويوهمهم بأن النصر الأخير سيكون له ولأتباعه، وهاته عقيدة شيطانية راسخة حتى عند العديد من كهنة الكفار وأحبار اليهود الذين أبرموا على مر التاريخ اتفاقات مطلقة مع إبليس لحد قتلهم الأنبياء ومحاربة الله وكل رسله..وكتب اليهود وبروتوكولاتهم تؤكد بعمق كبير وعيهم الكهنوتي بهاته الحرب الصوفية كما سطر ذلك في كتاب « بروتوكولات حكماء صهيون » الذي ترجم للعربية مرتين وكان كلما طبع بلغة جمعه اليهود من السوق..والوعي بسموم هذا الكتاب يعد من مستلتلزمات جهادنا ضد الصهاينة.

فنحن نؤمن بأن النصر لله ولرسوله وللمومنين ثابث في إطلاقه ولو برزت دنيويا بعض الهزائم الصورية لأهل الحق ، لحكمة ربانية لايطلع عليها إلا الراسخون في العلم، وهاته الهزيمة لضعف وفائنا بعهدنا لله سبحانه، فمن هنا الفساد و الهزيمة ،في الوقت الذي يتخد الشياطين وكل الكافرين هذا الفساد الذي حل بالإنسانية عنوانا كبيرا لآمالهم وبأن النصر الأخير سيكون لإبليس وأتباعه..فحلم إبليس إذن في التسلط على الكون بارز حتى في الديانات المحرفة والديانات الوضعية وكل الإيديولوجيات الضالة المحاربة للحق والخير المتجليان في الإسلام كدين الحق الذي لم يشبه باطل، والدين المحفوظ مباشرة من رب العالمين كما بقوله سبحانه

« إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون »

فالصراعات القائمة اليوم بين الناس صراعات يزرعها ويوقدها دوما إبليس في حربه الكونية هاته، فالتسلط الإمبريالي مثلا تجلي من تسلطات إبليس الكونية ، والكفر بالروحانيات والإيمان فقط بالماديات عند معظم البشر يبرز عقيدة شيطانية راسخة عند إبليس.

فحلم إبليس بإيجاز إذن يتجلى في :

ــ هزيمة الإنسان كخليفة لله عز وجل في الأرض

ــ التسلط على كل المخلوقات

ــ التأله على الكون

ــ تكريس كل أخلاقه البهيمية في الجن والإنس

ــ إعلاء صوت الشر والباطل على الخير والحق

ــ تشويه خلق الله بدءا بالإنسان

ولهذا فإن كل من يسعى ولو دون شعور لتحقيق هذا فهو شيطان من جند إبليس.

« ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون »

نهايات الحرب الكونية




نهايات الحرب الكونية :

والدليل الأكبر على أن للأنبياء والأولياء أسرار كونية في هذا العالم معراج الرسول صلى الله عليه وسلم وإمامته لأرواح الأنبياء ثم التقاؤه مع بعضهم في السماوات : ومنهم من لايزال حيا لم يمت بعد كما يروى عن عيسى عليه السلام في السماء الثانيةوإدريس عليه السلام في الرابعة وكما يروى عن الولي الخضر في الأرض والله أعلم بهذا..ولهذا فإن السماوات السبع بها أرواح الأنبياء.. وبعضهم أحياء ..

 ..وهذه بشرى بانهزام كل أحلام إبليس في عالم الملك والملكوت الذي كان أمله في السيطرة عليهما..
ولهذا فإن أمنيته الوحيدة المتبقية في هذا المضمار هو إفساده للبشرية..وقد استجاب الله له ذلك حتى أن من علامات الساعة هبوب ريح خفيفة تعصف بكل أرواح المومنين قبل الساعة حتى لاتقوم الساعة إلا على شر الخلق..ولا تقوم الساعة حتى يهزم إبليس شر هزيمة ويصير صنما يعبد لأهل الأرض فالله سيحقق له آماله حتى في التأله لكن بنفسية كلها حسرات وسيحقق له الأمل في هدم الكون لحد القيامة الكبرى التي ستمحو بحكمة الله كل آثار الشر من الكون حتى تحرر من إبليس كل خلايا وذرات الكون ..والعلامات الصغبرى للساعة دليل على قرب انتهاء هاته الحرب..كما تؤكد الاحاديث قرب تمازج عالم الجن وعالم الإنس وعالم البرزخ ونزول عيسى وظهور المهدي..وهذا التشابك هو العلامة الكبرى للساعة :

وقد روي عن المهدي أحاديث عديدة من أصحها ما رواه عاصم بن ذر عن عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : »لاتذهب الدنيا حتى يأتي على أمتي رجل من أهل بيتي يملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا يواطئ اسمه إسمي ».

وكما أن اليهود ينتظرون الدجال الأعور المتألهالكذاب كأمير لسلامهم بكل تصلب ..ومن النصارى من يومن بنزول عيسى فإن من شروط الحركية الشاملة بالإسلام أن نومن بكل هذا : فنحن كمسلمين نومن بكل العلامات الصغرى والكبرى للقيامة والتي من مسلماتها :

{ ما روى علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم » إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء :

ــإذا اتخذوا المغانم دولا

ــ والأمانة مغنما

ــ والزكاة مغرما

ــ وتعلموا العلم لغير الدين

ــ وأطاع الرجل امرأته وأدنى صديقه وأقصى أباه وأمه

ــ وارتفعت الأصوات في المساجد

ــ وكان زعيم القوم أرذلهم

ــ وأكرم الرجل مخافة شره

ــ وظهرت القيان والمعازف

ــ وشربت الخمور

ــ ولبس الحرير

ــ ولعن آخر الأمة أولها

وأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا : » فتوقعوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا وقذفا »

ومن هاته العلامات الصغرى أيضا كما جاء في حديث عن حديفة بن اليمان :

ــ موت الرسول صلى الله عليه وسلم

ــ فتح بيت المقدس

ــ موتان في الأمة الإسلامية

ــ فتنة عظيمة في الأمة

ــ هدنة بين العرب وبني الأصفر ثم يحاربون المسلمين

ــ فيض المال ونزع القناعة

أما عن العلامات الكبرى للساعة فقد جاء في حديث لحديفة بن أسيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : » أما لاتقوم الساعة حتى تكون قبلها عشر علامات :

ــ الدخان

ــ والدجال

ــ وياجوج وماجوج

ــ ونزول عيسى

ــ وطلوع الشمس من مغربها

ــ وثلات خسوفات : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب

ــ وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس للمحشر...ولها ماسقط »

كما أن هناك أحاديث عديدة تزيد على هاته العلامات الكبرى :

ــ خروج دابة تكلم الناس وتعظهم

ــ خراب مكة وهدم الكعبة

ــ إخراج كنوز فرعون وقارون

ــ ارتفاع القرآن

وكل العلامات الصغرى للساعة قد ظهرت كـ :

ــ ارتفاع البنيان

ــ تعبيد البنت أمها

ــ الغنى الفاحش

ــ غربة أهل الدين

ــ كثرة النساء

ــ رفع الحياء والخشوع

ـــ الفساد على كل الواجهات

زيادة على كل العلامات الصغرى التي ذكرنا..

ومباشرة بعد ظهور هاته العلامات الكبرى سيكون النفخ في السور والقيامة الكبرى أجارنا الله من خزيها..وبالقيامة ستكون نهاية حرب إبليس الكونية ليساق وكل جنده وأتباعهم لجهنم ، وتزلف الجنة ــ التي لو قدر عليها إبليس لأفسدها كما أفسد الدنياــ لكل المومنين برحمة الله تعالى ومنته وفضله.

فالكون إذن كله دار ومسجد للمومن، وعمى وضبابية للكافر ، والعبادة الكاملة لله هي العبادة التي لا تستثني هاته الرؤية الكونية التي يجب أن تكون من مسلمات عقيدتنا بل ومن مستلزمات خشوعنا..

الإخبات لله في كل الكون




الإخبات لله في كل الكون :

وهناك كثير من المعاني تغيب عنا كمسلمين حتى ونحن خاشعين لله من بينها الشعور بملكوت المالك والملك والمليك الحق ذو الملك والملكوت وحده سبحانه وتعالى ، وكذلك الإستيعات الحقيقي لـ : » ملكية الله ذاتا لكل الأكوان » وبأنه قيوم على أراضيه وسماواته، يعلم دقائقها وشمائلها وشمولياتها ،شمول يغيب عن معظمنا إن لم نقل كلنا : والشعور بهذا يعني في جملة واحدة : » أن نجعل عرش الرحمان قبلة قلوبنا » فتخترق معانينا كل العوالم والأكوان للسجود للخالق الحق فنحس ونفهم أننا حقيقة في مملكة ملك حق.. والإسم الدال على ذاته هو الله أو الرحمان..وبأنه هو سلطان كل قضاياها وقضائها ..فترتاح الأنفس المومنة لهاته المعاني وتطمئن القلوب لعدله وقضائه وقيوميته سبحانه، وبالتالي تسعى الأرواح للتفكر والتأمل في هذا الملك العظيم وملكوته إمتثالا لقوله تعالى : » إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض

فيجيبون داعين خاشعين متبتلين : »ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار،ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لاتخلف الميعاد »

وهذا أمر واضح بدعاء المتفكرين هذا :للتأمل في كل الكون من ذراته حتى مجراته، وسيد هذه النظرة الكونية هو رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي اخترق كل عوالم الملك روحا وذاتا ليصل إلى ما وراء سدرة المنتهى حيث فرضت الصلاة التي تعد معراجا يوميا للمومنين إلى ملكوت الغيب : فبوقوف المصلي خاشعا متأملا في ما يقول حاضر البديهة مع آيات الله وآلائه مركزا على التذوق القلبي للمعاني يزداد صدقه وترتفع همته لحد استشعاره لحضرة الله سبحانه بكل الأكوان فيستشعر عظمته سبحانه وصفاته تعالى في كل المخلوقات بقلب واع بهبات الله ..وكلما زاد فهمه ازداد خشوعا في آيات الله المسطورة قرآنا والمنظورة كونا : فيرى الشمس وضياءها والقمر ونوره والنجوم ومواقعها والفضاء رغم سعته وكل الأرض رغم تكاثراتها : يرىالكل في ملكوت الله سابحا ومسبحا بحمد ه ومنته وفضله ..فيأخذ العديد من العبر : كوعيه بجري الشمس لمستقر يوم القيامة، فيمزج آيات الكتاب مع آلاء الكون وكل العلوم الكونية إن كان بها فقيها : لترتسم بمشاعره معاني الكون كله بحكمة موحدة لله وحدانية يقين تام..فيزداد إحسانا في عبادته وتصديقا لحبيبه المصطفى عليه الصلاة والسلام..

فوحدانية الله من فرائض كماله :ومن منه أو فيه اثنين فهو ناقص تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،فإن كانت تأملات الإنسان للكون قد أثمرت علوما كثيرة من علم الفلك والتنجيم حتى غزو الفضاء ..بل ولحد تفكير إبليس والعقل الكافر في حرب النجوم وهدم الكون..وقد تقدم العقل الكافر في كل هذا :فالعقل الكافر عدو الطبيعة نفسها..

لكن رغم هذا الترقي العلمي للآخر :فإن الله قد حقق لنا قبل كل هذه العلوم السبق لمعالي العلوم المادية مع العديد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلامبل وحتى في غزو الفضاء :وذلك في طيران سليمان عليه السلام وفي معراج الرسول صلى الله عليه وسلم قلبا وقالبا للسماوات العلا..وفي قدسية هذا المعراج يقف جبريل على سدرة المنتهى مسلما على الرسول عليه الصلاة والسلام ليتساءل محمد ص : » أهنا يترك الخليل خليله؟ » فيجيب حبريل : » يا محمد إذا تقدمت اخترقت وإذا تقدمت احترقت »...وبهذا يكون المخلوق الوحيد الذي خرق حجب عالم ما فوق الملائكة هو الرسول ص.. مما يشرفنا كمسلمين في سمو رسولنا على كل الكون الذي يتباهى الكفار بالتقدم لكشفه وتخلفنا جهلا منهم بنظرتنا الكلية للوجود ولسجنهم في ماديات المجرة الشمسية..ويعقب عن هذا بعض المتأملين بقوله أن الرسول حين دخل عالم السماوات صارت له صفات ملائكية وحين فاق عالمهم أصبحت له صفات ما فوق ملائكية..وهذا باب آخر للتأمل.

ونجمل النظرة الوجودية للرسول صلى الله عليه وسلم في خشوعه بهاته الفقرة الموجزة :

« فالرسول يتخشع للذات العلية سبحانها عن كل العوالم وحتى تعرج روحه يخترق حجاب نفسه وجسده وحجاب كل عالم الدنيا ثم عالم السبع السماوات الطباق المحدود بسدرة المنتهى وهنا البرزخ بين العالم المنتهي والعالم اللامتناهي المتمثل في الكرسي المقدس كما جاء في قوله تعالى : » وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهماوهو العلي العظيم » ومباشرة بعد سدرة المنتهى هناك ملكوت جنة المأوى كما جاء في قوله تعالى : » عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى « التي تعد بداية عالم الجنان بينما أعلاها هي الفردوس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« أطلبوا الفردوس الأعلى » وكما جاء في الحديث أنها مسقفة بالعرش الذي يعد أعظم مخلوق وهو مستوى إسم الرحمان ومباشرة بالعرش استوت الذات العلية سبحانها دون زمكان وبزمكان بعوالم الأمروالملكوت والجبروت وما لا يعلمه إلا هو سبحانه

« فلا يعرف الله غير الله «

ومن هاته العوالم العلى : القلم الأعلى واللوح المحفوظ والطبيعة المعقولة والهباء وبين عالم الأمر والذات العلية برزخ البرازخ أو البرزخ الأعلى الذي من معقولاته الألوهة والعماء وحقيقة الحقائق فالحقيقة المحمدية وهي حقيقة سيدنا محمد الروحية وحقيقة كل إنسان كامل .كما أكد العديد من أرباب الحقيقةة.وهاهنالك كانت تخشع روح سيدنا محمد ..ومن أجل لمحة من هذا الخشوع يربي الأولياء مريديهم حتى قال بعض المشايخ :

« لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لنالها «

فهاته هي المملكة التي يجب على كل مسلم أن يومن بها وعلى كل مومن أن يوقن بها وعلى كل محسن أن يشهدها، وهو يستحضر آيات الله القرآنية وآلاءه الكونية معا : فالكون باتساعه »وإنا لموسعون » والسماوات في ملكوتها والمجرات في دوران أفلاكها »وكل في فلك يسبحون » وسدرة المنتهي كحد للعوالم المنتهية وكبداية لعولم الجنان : » ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى »...فهاته العوالم كلهاوغيرها من الثرى حتى سدرة المنتهى وما فوقها تبقى من مملكة الله وليست كل ملكوته سبحانه من مليك مقتدر..فماذا نساوي إذن نحن في هذا الملك؟ بل وماذا تساوي أرضنا ؟بل وسماواتنا ؟بل وكل الخلق أمام الخالق الملك المالك سبحانه؟؟..

والإخبات الذي يجب أ ن نسعى إليه هو التخلص من كل تكاثرات الأرض وأغيارها ليسبح القلب مسبحا في هذا الملكوت الأعظم الإلهي، لا أن نسجن نفوسنا كالكافرين بين أشياء الأرض ومادتها التي لاتساوي حتى الصفر السلبي في هذا الملكوت..لتسبح الروح بكل إيمان ويقين منسجمة مع كل الكون في تسابيحه للسبوح القدوس سبحانه ..وبكل تناسق بين سنية الكون وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.. وبهذا تهيم الروح فانية في جوهرها عما سوى معبودنا الحق سبحانه..

وبهذا تتجلى الحقائق..ويتوحد العبد بكل وحدة مع كل الكون الواحد، لتهيم واحدية العبد في وحدة الكون بكل إعجاب بأحدية الواحد الأحد الفرد الصمد سبحانه..وبكل جهاد ضد كل أعداء الخير وأعداء الحق الذي هو إسم من الأسماء الحسنى للمالك الملك سبحانه.والذي يجب أن ندافع عنه عبادة.

لكن :{ألهاكم التكاثر}

فهل سيلهينا حتى نزور المقابر؟؟؟

اللهم سلم..اللهم سلم..اللهم سلم : آمين

زبدة القول


زبدة القول :

وهكذا يتبين من هاته الإشارات أن الصراع الديني في حقيقته ليس صراعا إنسيا فحسب بل هو صراع إنسي جني بين المومنين والكافرين حتى تقوم الساعة بل ولحد تدخل الملائكة أحيانا لجانب الفئة المومنة، وتدخل إبليس مع الكفرة..وهذا الصراع ولو كانت له هدنة فإنها مؤقتة وصراع الكفر والإيمان خالد في هاته الدنيا لحد فنائها ..لكننا نعرف أن النصر والعز للهورسوله ورسله وللمومنين كما قال سبحانه : » ولله العزة ولرسوله وللمومنين ولكن المنافقين لايعلمون »ولهذا فإن عزة المسلم بإيمانه.. وهذا لايتأكد إلا إذا ارتبط حقا بدينه، فالإسلام دواء لكل أمراض الكون ولمشاكل الإنسانية جمعاء ..

لكنا لحد الآن لم نستطع أن نغير به من أنفسنا وعالمنا ولا زلنا لانثق بأنه البديل الحق لحد قمع الطغاة لكل حركاته التي وإن كان لها فهم قاصر..فمن الواجب تصحيحه لادفنها ومحاربة كل من يأمر بالقسط م الناس..

والمطلع على كل الديانات وخصوصا اليهودية سيعلم كيف استعمل اليهود ديانتهم بكل شره كسلاح ضد العالمين لحد تحريفها..وهم لليوم لازالوا يشهرونها ضد الإسلام طامعين في وءد الأمة كما تملي لهم خرافات إبليس اللعين ..بل ولا زالوا يحلمون بالنصر الكوني حتى يوم القيامة ..فكيف لا نوظف ديننا عالميا ضد الصهاينة/لصالحهم فهو أعتى سلاح/دواء ضد كل الكفر ولمن كفر؟

وما دمنا مومنين فإنا واثقون من نصر الله ورسله والمومنين كونيا..فهزيمتنا اليوم أرضية لاغير وإن عرفنا كيف نحرك الإسلام لنصرنا وكيف نتحرك لنصر كلمات الله على أنفسنا وعلى العالمين بكل رحمة وحكمة لاشك في أننا سنقدم للإنسانية أغلى نعم الوجود والتي للأسف تجهلها : وللأسف أننا كمسلمين لسنا في مستواها : وهي رسالة الإسلام :..فالعالم اليوم لا يرى الإسلام إلا من ممارساتنا البعيدة عنه..ولهذا فإنه يحارب اليوم باطلنا..لأننا سنبقى في باطل ما ابتعدنا عن الحق القرآني في تسييرنا فرادى وجماعات ومجتمعات وأمة ..إذاك سنقدم البديل ..أما اليوم فماذا نقدم للعالم حتى يصغي لنا؟ بل قد حاربنا العالم بباطله منذ زغنا على الحق ،ولا زال كذلك ،ودواؤنا في الرضوخلأخلاق الإسلام وتجديد علومه وبشوراه نتدرج لشريعته، وإلا فلن نخرج من خزي السياسات الترقيعية التي تفرتق أكثر مما ترتق..

فللعالم إذن منطقه في تحقيرنا ومؤازرته لليهود لأنهم عرفوا كيف يستغلون دينهم رغم تحريفه ضدنا وضد كل الناس..فكيف لانذل ونحن رغم ديننا الحق نهمش كل قيمنا ومبادئنا كمسلمين في كل صراعاتنا بل وحتى في حياتنا الفردية والإجتماعية؟

فهزيمتنا تكمن إذن في علاقتنا بالدين واستغلال الآخر لدائنا هذا لحد وءد أمتنا عالميا...

{وإن تنصروا الله ينصركم}..

ونصرنا لله يكمن في نصرنا لكلماته على أنفسنا أولا قبل أي جهاد آخر.. :{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}