السبت، 12 يناير 2013

الإخبات لله في كل الكون




الإخبات لله في كل الكون :

وهناك كثير من المعاني تغيب عنا كمسلمين حتى ونحن خاشعين لله من بينها الشعور بملكوت المالك والملك والمليك الحق ذو الملك والملكوت وحده سبحانه وتعالى ، وكذلك الإستيعات الحقيقي لـ : » ملكية الله ذاتا لكل الأكوان » وبأنه قيوم على أراضيه وسماواته، يعلم دقائقها وشمائلها وشمولياتها ،شمول يغيب عن معظمنا إن لم نقل كلنا : والشعور بهذا يعني في جملة واحدة : » أن نجعل عرش الرحمان قبلة قلوبنا » فتخترق معانينا كل العوالم والأكوان للسجود للخالق الحق فنحس ونفهم أننا حقيقة في مملكة ملك حق.. والإسم الدال على ذاته هو الله أو الرحمان..وبأنه هو سلطان كل قضاياها وقضائها ..فترتاح الأنفس المومنة لهاته المعاني وتطمئن القلوب لعدله وقضائه وقيوميته سبحانه، وبالتالي تسعى الأرواح للتفكر والتأمل في هذا الملك العظيم وملكوته إمتثالا لقوله تعالى : » إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض

فيجيبون داعين خاشعين متبتلين : »ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار،ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لاتخلف الميعاد »

وهذا أمر واضح بدعاء المتفكرين هذا :للتأمل في كل الكون من ذراته حتى مجراته، وسيد هذه النظرة الكونية هو رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي اخترق كل عوالم الملك روحا وذاتا ليصل إلى ما وراء سدرة المنتهى حيث فرضت الصلاة التي تعد معراجا يوميا للمومنين إلى ملكوت الغيب : فبوقوف المصلي خاشعا متأملا في ما يقول حاضر البديهة مع آيات الله وآلائه مركزا على التذوق القلبي للمعاني يزداد صدقه وترتفع همته لحد استشعاره لحضرة الله سبحانه بكل الأكوان فيستشعر عظمته سبحانه وصفاته تعالى في كل المخلوقات بقلب واع بهبات الله ..وكلما زاد فهمه ازداد خشوعا في آيات الله المسطورة قرآنا والمنظورة كونا : فيرى الشمس وضياءها والقمر ونوره والنجوم ومواقعها والفضاء رغم سعته وكل الأرض رغم تكاثراتها : يرىالكل في ملكوت الله سابحا ومسبحا بحمد ه ومنته وفضله ..فيأخذ العديد من العبر : كوعيه بجري الشمس لمستقر يوم القيامة، فيمزج آيات الكتاب مع آلاء الكون وكل العلوم الكونية إن كان بها فقيها : لترتسم بمشاعره معاني الكون كله بحكمة موحدة لله وحدانية يقين تام..فيزداد إحسانا في عبادته وتصديقا لحبيبه المصطفى عليه الصلاة والسلام..

فوحدانية الله من فرائض كماله :ومن منه أو فيه اثنين فهو ناقص تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،فإن كانت تأملات الإنسان للكون قد أثمرت علوما كثيرة من علم الفلك والتنجيم حتى غزو الفضاء ..بل ولحد تفكير إبليس والعقل الكافر في حرب النجوم وهدم الكون..وقد تقدم العقل الكافر في كل هذا :فالعقل الكافر عدو الطبيعة نفسها..

لكن رغم هذا الترقي العلمي للآخر :فإن الله قد حقق لنا قبل كل هذه العلوم السبق لمعالي العلوم المادية مع العديد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلامبل وحتى في غزو الفضاء :وذلك في طيران سليمان عليه السلام وفي معراج الرسول صلى الله عليه وسلم قلبا وقالبا للسماوات العلا..وفي قدسية هذا المعراج يقف جبريل على سدرة المنتهى مسلما على الرسول عليه الصلاة والسلام ليتساءل محمد ص : » أهنا يترك الخليل خليله؟ » فيجيب حبريل : » يا محمد إذا تقدمت اخترقت وإذا تقدمت احترقت »...وبهذا يكون المخلوق الوحيد الذي خرق حجب عالم ما فوق الملائكة هو الرسول ص.. مما يشرفنا كمسلمين في سمو رسولنا على كل الكون الذي يتباهى الكفار بالتقدم لكشفه وتخلفنا جهلا منهم بنظرتنا الكلية للوجود ولسجنهم في ماديات المجرة الشمسية..ويعقب عن هذا بعض المتأملين بقوله أن الرسول حين دخل عالم السماوات صارت له صفات ملائكية وحين فاق عالمهم أصبحت له صفات ما فوق ملائكية..وهذا باب آخر للتأمل.

ونجمل النظرة الوجودية للرسول صلى الله عليه وسلم في خشوعه بهاته الفقرة الموجزة :

« فالرسول يتخشع للذات العلية سبحانها عن كل العوالم وحتى تعرج روحه يخترق حجاب نفسه وجسده وحجاب كل عالم الدنيا ثم عالم السبع السماوات الطباق المحدود بسدرة المنتهى وهنا البرزخ بين العالم المنتهي والعالم اللامتناهي المتمثل في الكرسي المقدس كما جاء في قوله تعالى : » وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهماوهو العلي العظيم » ومباشرة بعد سدرة المنتهى هناك ملكوت جنة المأوى كما جاء في قوله تعالى : » عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى « التي تعد بداية عالم الجنان بينما أعلاها هي الفردوس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« أطلبوا الفردوس الأعلى » وكما جاء في الحديث أنها مسقفة بالعرش الذي يعد أعظم مخلوق وهو مستوى إسم الرحمان ومباشرة بالعرش استوت الذات العلية سبحانها دون زمكان وبزمكان بعوالم الأمروالملكوت والجبروت وما لا يعلمه إلا هو سبحانه

« فلا يعرف الله غير الله «

ومن هاته العوالم العلى : القلم الأعلى واللوح المحفوظ والطبيعة المعقولة والهباء وبين عالم الأمر والذات العلية برزخ البرازخ أو البرزخ الأعلى الذي من معقولاته الألوهة والعماء وحقيقة الحقائق فالحقيقة المحمدية وهي حقيقة سيدنا محمد الروحية وحقيقة كل إنسان كامل .كما أكد العديد من أرباب الحقيقةة.وهاهنالك كانت تخشع روح سيدنا محمد ..ومن أجل لمحة من هذا الخشوع يربي الأولياء مريديهم حتى قال بعض المشايخ :

« لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لنالها «

فهاته هي المملكة التي يجب على كل مسلم أن يومن بها وعلى كل مومن أن يوقن بها وعلى كل محسن أن يشهدها، وهو يستحضر آيات الله القرآنية وآلاءه الكونية معا : فالكون باتساعه »وإنا لموسعون » والسماوات في ملكوتها والمجرات في دوران أفلاكها »وكل في فلك يسبحون » وسدرة المنتهي كحد للعوالم المنتهية وكبداية لعولم الجنان : » ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى »...فهاته العوالم كلهاوغيرها من الثرى حتى سدرة المنتهى وما فوقها تبقى من مملكة الله وليست كل ملكوته سبحانه من مليك مقتدر..فماذا نساوي إذن نحن في هذا الملك؟ بل وماذا تساوي أرضنا ؟بل وسماواتنا ؟بل وكل الخلق أمام الخالق الملك المالك سبحانه؟؟..

والإخبات الذي يجب أ ن نسعى إليه هو التخلص من كل تكاثرات الأرض وأغيارها ليسبح القلب مسبحا في هذا الملكوت الأعظم الإلهي، لا أن نسجن نفوسنا كالكافرين بين أشياء الأرض ومادتها التي لاتساوي حتى الصفر السلبي في هذا الملكوت..لتسبح الروح بكل إيمان ويقين منسجمة مع كل الكون في تسابيحه للسبوح القدوس سبحانه ..وبكل تناسق بين سنية الكون وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.. وبهذا تهيم الروح فانية في جوهرها عما سوى معبودنا الحق سبحانه..

وبهذا تتجلى الحقائق..ويتوحد العبد بكل وحدة مع كل الكون الواحد، لتهيم واحدية العبد في وحدة الكون بكل إعجاب بأحدية الواحد الأحد الفرد الصمد سبحانه..وبكل جهاد ضد كل أعداء الخير وأعداء الحق الذي هو إسم من الأسماء الحسنى للمالك الملك سبحانه.والذي يجب أن ندافع عنه عبادة.

لكن :{ألهاكم التكاثر}

فهل سيلهينا حتى نزور المقابر؟؟؟

اللهم سلم..اللهم سلم..اللهم سلم : آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق